تُعد الخَلايا وحدات البناء الأساسية في الجسم. تتكون جميع الأنسجة والأعضاء من مليارات الخلايا المختلفة، وتختلف الخلايا البشريَّة من حيث الحجم، ولكنَّها كلها صغيرة جدّا، وحتَّى أكبر خلية فيها صغيرة جدّا لا تُرى بالعين المجرَّدة. يتكوَّن الجسمُ من العديد من الأنواع المختلفة للخَلايا، ولكل منها بنيتها الخاصة ووظيفتها. تتحرَّك بعضُ الخلايا، مثل خلايا الدَّم، بحرِّية في الدَّم، ولا ترتبط ببعضها بعضا، ولكن هناك خلايا أخرى، مثل الخَلايا العضلية، ترتبط بقوَّة ببعضها بعضا. وتتكوَّن الخلية من عددٍ من الأجزاء الصغيرة، ولكلٍّ منها وظيفتُه الخاصَّة.

ويكون لبَعض الخلايا، وخاصَّة الخلايا الغدية، وظيفتها الأساسيَّة في إنتاج مواد معقَّدة، مثل الهرمونات أو الإنزيمات. والهرمونات هي مراسيل كيميائيَّة تعمل على ضبط وتنسيق النشاطات في أنحاء الجسم. على سبيل المثال، الأنسولين هو هرمون تنتجه خلايا معينة في البنكرياس للمساعدة على تنظيم مستويات السكر في الدم. والإنزيماتُ هي بروتينات معقَّدة تضبط وتنفِّذ جميعَ العمليات الكيميائية والتفاعلات داخل الجسم تقريبا. وتُنتج خلايا أخرى في البنكرياس إنزيمات هضمية تعمل على تفكيك الطعام بحيث يمكن امتصاصه.

يكون للخلايا الأخرى وظائف أساسية لا تتصل بإنتاج المواد؛ فعلى سَبيل المثال تتقلَّص الخلايا العضليَّة ممَّا يسمح بالحركة؛ أمَّا الخَلايا العصبيَّة فتولِّد وتنقل النبضات الكهربائيَّة، ممَّا يسمح بالتواصُل بين الجهاز العصبي المركزي (الدِّماغ والحبل الشوكي) وبقيَّة الجسم.

خلاصة ذلك أن جسمُ الإنسان هو بنيةٌ معقَّدة على درجة عالية من التنظيم، تتكوَّن من خلايا فريدة من نوعها تعمل معا لإنجاز وظائف محدَّدة وضرورية للحفاظ على الحياة. إنَّ جسمَ الإنسان مُصَمَّمٌ جيِّدا بشكلٍ لافت؛ فمعظمُ أعضَائه لديها قدرٌ كَبير من الطاقة الإضافية أو الاحتياطيَّة؛ فهي تُحافِظ على عملها بشكلٍ كاف حتَّى عندما تتضرَّر.

إن التعضي في الخلية الحية يعني نمو وظهور عضو جديد، حيث ينشأ العضو من تجمع الخلايا الحية لتشكيل مجموعة من الأنسجة، التي تتجمع بدورها لتشكيل عضو يقوم بوظائف محددة حسب تمايز الخلايا والأنسجة، وعند تجمع الأعضاء معا تتشكل الأجهزة المختلفة في الجسم كالجهاز التنفسي، والجهاز الهضمي وغيرها الكثير.

ويشمل جسم الإنسان العديد من الأجهزة التي نشأت من تجمع الخلايا، وتشمل الجهاز الهيكلي؛ الجهاز العضلي؛ الجهاز العصبي. الجهاز الليمفاوي؛ الجهاز التنفسي؛ الجهاز الهضمي؛ الجهاز البولي؛ الجهاز التناسلي؛ الغدد الصماء؛ القلب والأوعية الدموية، وتوجد العديد من الكائنات الحية التي تختلف في عدد الخلايا وعدد الأعضاء والأجهزة، والخلايا هي الوحدات البنائية الأساسية في جميع المخلوقات الحية.

تختلف الكائنات الحية عن بعضها البعض من حيث عدد الخلايا الحية في أجسادها، فمنها من يمتلك خلية واحدة ومنها من يمتلك عدة خلايا في جسمه، حيث تعتبر الخلية هي اللبنة الأساسية لجميع المخلوقات الحية، وتتميز الخلايا بصغر حجمها إذ لا يمكن مشاهدتها الا عن طريق المجه، وهي تقوم بالانقسام في جسم الكائن الحي بهدف التكاثر من أجل تكوين مجموعة خلايا متشابهة في الوظيفة.

إذا كانت الخلايا الحية هي عنوان حياة الإنسان؛ فإن الجهاز المناعي هُو النظام الدفاعي في الجسم البشري. يُساعد هذا الجهاز على الوِقاية من الأمراض والعدوى؛ فجهاز المناعة هو نظام يحمي الجسم من التأثيرات البيئية الداخلية والخارجية الضارة كالبكتيريا والفيروسات والخلايا الخبيثة. ومهمة الجهاز المناعي هي مهاجمة الأشياء التي لا تنتمي إلى الجسم في عمليات من الكفاح والدفاع والمدافعة؛ إذ يكافح الجهاز المناعي ويُسمى هذا الفعل بالاستجابة المناعية. وللقيام بعمله يحتاج إلى التعرف إلى شيء في الجسم لا ينبغي أن يكون موجودا؛ وكذا إطلاق إشارة إلى الخلايا المناعية لتصل إلى موقع الإشكال ومهاجمة الكائن الدخيل وتخليص الجسم منه، ومعرفة متى ينبغي التوقف عن الهجوم وإنهائه؛ ولذلك لكي يقوم الجهاز المناعي بوظيفته، ينبغي أن يكون قادرا على معرفة ما الذي ينتمي وما لا ينتمي إليه، وبذلك يعرف ما هي الأشياء التي يجب مكافحتها والأشياء التي يجب أن يتركها وشأنها.

وقد يصاب الجهاز المناعي بما يمكن تسميته العوز المناعي؛ الذي يشير إلى ضعف (أو عوز)  المناعة وجهازها؛ وقد يُقال أحيانا بأن المصابين بالعوز المناعي مثبطون مناعيا أو مهددون مناعيا؛ وقد يصل الأمر الى انهيار الجهاز المناعي برمته فتصير حياة الإنسان مهددة. يُمكن أن يتسبب خلل في الجهاز المناعي في أمراض المناعة الذاتية والأمراض الالتهابية والسرطان، فعندما يحدث نقص المناعة عندما يكون الجهاز المناعي أقل نشاطا من المعتاد، مما يؤدي إلى عدوى متكررة ومهددة لحياة البشر.

ومن المهم أن نشير الى خطورة هذا الجهاز المناعي في أي كيان، ومن ثم صار علما وتخصصا يسمى علم المناعة الذي يدرس بنية ووظيفة الجهاز المناعي، ونشأ من الطب والدراسات المبكرة حول أسباب المناعة ضد الأمراض، ويحدد هذا العلم وظائفه وأدواره الكبرى ومعادلة الخلايا الغريبة التي تدخل الجسم والقضاء عليها، مثل الفيروسات والبكتيريا والفطريات؛ والتعرف على السموم والمواد الضارة من البيئة التي تدخل الجسم؛ ومحاربة خلايا الجسم نفسه التي تغيرت نتيجة المرض، مثل الخلايا السرطانية.

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى علم المناعة النفسية العصبية الذي يعد من العلوم الرائدة والحديثة في مجال العلوم العصبية، وهو يدرس العلاقة بين العوامل النفسية وكل من الجهاز العصبي، الغددي والمناعي، بحيث يمكن للجانب الوجداني التأثير على النظام العصبي الذي بدوره يؤثر على كل من التنظيم الغددي ثم النظام المناعي والعكس، فهناك تداخل بين الجانب النفسي للفرد والجانب الفسيولوجي بطريقة لا يمكن الفصل بينها. فالعوامل الوجدانية السلبية تؤثر سلبا على الجانب الفسيولوجي خاصة الجهاز المناعي مما يؤدي إلى احتمال الإصابة بمختلف الأمراض، بينما للعوامل الإيجابية الحافزة والدافعة والرافعة لها تأثير إيجابي على الناحية الفسيولوجية مما يعطي الفرد القدرة على مقاومة الأمراض والتماثل للشفاء إذا كان مريضا، وكذا الكيان الجمعي.

ولأهمية الجهاز العصبي في جسم الإنسان وحياته اختصه الخالق بجهاز مناعي يختص به الجهاز المناعي العصبي، وهو جهاز البنى والعمليات التي تشمل التفاعلات الكيميائية الحيوية والفسيولوجية الكهربائية بين الجهاز العصبي والجهاز المناعي الذي يحمي العصبونات من الأمراض؛ من خلال المحافظة على الحواجز ذات النفوذية الانتقائية (على سبيل المثال، الحاجز الدموي الدماغي وحاجز الدم- السائل الدماغي الشوكي)، التي تتواسط الالتهابات العصبية وشفاء الجروح في العصبونات المتأذية، وتحرك آليات دفاع ضد الأمراض.

وفي هذا السياق فإن أهم ما يصيب هذا الجهاز المناعي هو انهيار المناعة، مثلما الحال في مرض “نقص المناعة البشرى” (الإيدز) أو مرض السرطان وخلاياه المحاربة للكائن البشري. ومن المصطلحات المرتبطة بالسرطان التي توضح خطورته العدوانية على الكيان التي تشكل معدل أو سرعة نمو وانتشار الخلايا السرطانية والغزو؛ ما يشير إلى قدرة السرطان على النمو والانتشار في الأنسجة المحيطة وتدميرها، كما ينبه إلى صفة الخبيث كصفة للخلايا السرطانية التي يمكن أن تغزو الأنسجة المجاورة، وتنتشر أيضا إلى أجزاء أخرى من الجسم وتمارس التحول الخبيث كعملية معقدة تتطور من خلالها الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية والنقائل الورمية كخلايا سرطانية انتشرت إلى موقعٍ جديد كليا، ومن علامات خبثه النكس بعودة الخلايا السرطانية بعد علاجها؛ إما في موقعها الأولي أو كنقائل ورمية (منتشرة) والهجوع الذي يتخذ صور غياب أي دليل ظاهري على وجود السرطان بعد العلاج على الرغم من احتمال استمرار وجوده في الجسم؛ بعد أن تصبح الخلية سرطانية، غالبا ما يكون الجهاز المناعي قادرا على التعرف عليها وتدميرها قبل تكاثرها أو انتشارها.

المقاومة أهم الخلايا الحية في الأمة تترابط فيما بينها في نسيج متين والتوجه الى الوظيفة والدور في عمل هادف وقاصد رصين إلى حياة الأمة في العز والكرامة والشرف على طريق التمكين؛ تقوم فيها بالمناعة الذاتية في تمسكها بحبل الله المتين والدفاع عن مقدسات الدين؛ الأقصى والقدس وكامل فلسطين؛ تنتدب في الأمة بإدراك أدوارها في حمل أمانة الجهاد والأمان للأمة والتأمين؛ وهي إذ تتخذ من القيام بأدوارها في المناعة الذاتية الفطرية؛ فإنها لا تتوانى بحفز أدوارها بالمناعة العصبية والنفسية والمعنوية في الأمة لتتم لها مقدمات النهوض وممارسة كل ما يقتضيه التدافع المخلص الأمين، “واعبد ربك حتى يأتيك اليقين”؛ اليقين بالنصر المبين على عداوة أو غزو أو خبث يحاول إضعاف هذه الأمة وجهادها بكل أنواع السراطين؛ على وعد منها أن تواجه عالم الصهاينة السرطاني أو خبث المتصهينين.

على كل هؤلاء الذين يريدون أن ينالوا من شرف المقاومة ووظيفتها في الأمة كجهاز في الأمة ضد المعتدين والمغتصبين والمستبدين والمرجفة والمتخاذلين؛ أن يعلموا أن حضور المقاومة كجهاز مناعي في الأمة تمنع الضعف والعوز المناعي والوهن والمهانة والإهانة التي قد تتسلل إليها فتقف المقاومة كسد منيع مكين؛ وتفطن الى كل ألوان العدوان من المعتدين وكل أشكال الغزو من الغازين مهما كانت خفية؛ ومحاولات التسلل الخبيث كالنكس والهجوع؛ “ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين”؛ “فكان حقا علينا نصر المؤمنين”؛ إنها المقاومة كجهاز مناعة ذاتي في النفرة والاستنفار “انفروا خفافا وثقالا”، “انفروا في سبيل الله”؛ إنها في الأمة الحصن الحصين. إنه درس المناعة في علم الأحياء “وفي أنفسكم أفلا تبصرون”.