نشر المقال في جريدة الشروق المصرية بتاريخ: 10 أغسطس 2013
كتبت مقالة فى الشروق الغراء بتاريخ (18 مايو2013) حول لقاء الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى (خلال إجراءات استعداد قتالى وهو ما يُطلق عليه بالتعبير الاستراتيجى «تفتيش حرب» بمقر الفرقة التاسعة المدرعة التابعة للمنطقة المركزية العسكرية بدهشور، فى إطار عمليات رفع الكفاءة التدريبية للقوات بحضور عدد من الفنانين والإعلاميين والشخصيات العامة فى 12 مايو 2013) الذى رأينا أنه يؤسس لصفحة جديدة فى كتاب العلاقات المدنية العسكرية ومحاولة ضبط إيقاعها فيما يتعلق بالعلاقة بين المدنى والعسكرى والسياسى، نقدم فيه رؤية غاية فى الأهمية لقراءة خطاب محدد ومفاتيح كلمات بعينها تقدم الرؤية الواضحة والمواقف القاطعة بكلمات صريحة غير ملتبسة تترجم أهداف ثورة يناير العظيمة، تضمنت تلك المقالة ما أكد عليه الفريق أول السيسى فى خطابه الذى صدر بشكل مقصود ولعموم جماهير الوطن؛ حيث أراد أن يؤكد نيابة عن جيش مصر وممثلا لمؤسسة القوات المسلحة، أن على الجميع أن يعرف أن هناك حراكا كبيرا يتم فى هذا البلد لابد أن يشارك فيه الجميع كشعب وليس كجيش، هذا الحراك الشعبى إنما يشكل عملا من طبائع السياسة وتفاعلاتها، وأن الجيش معنى بأن تتم هذه الشراكة ولكنه ليس جزءا من ميدان السياسة أو مساحاتها؛ هكذا قالها صريحة: «لابد من وجود صيغة للتفاهم فيما بينكم، فهذا الجيش نار لا تلعبوا به، ولا تلعبوا معه، لكنه ليس نارا على أهله، لذلك لا بد من وجود صيغة للتفاهم بيننا.. البديل فى منتهى الخطورة، ومع كل التقدير لكل من يقول للجيش انزل الشارع، خلاص لو حصل ده لن نتكلم عن تقدم مصر للأمام لمدة 30 أو 40 سنة.»، وأضاف «مفيش حد هيشيل حد، ولا يجب أن يفكر أحد أن الحل بالجيش، وعليكم ألا تغضبوا « وأضاف أيضا فى رده على أحد الفنانين حول حماية الانتخابات وتأمينها، قائلا «أى حديث عن الديمقراطية صحى ولا أحد ينكره وسهل أن تتحقق الديمقراطية والمواطن هو الضامن لتحقيقها عبر مشاركته ولو وقف 15 ساعة، إنها تكلفة الديمقراطية التى يجب أن يتحملها كل مواطن» مؤكدا على أن ذلك ليس بسبب المخاوف من محاذير دولية، ولكن لإدراك خطورة نزول الجيش للشارع، فى بلد عدد سكانه يتجاوز الـ90 مليونا، قائلا: «ده خطر شديد جدا، لأن الأصل فى الموضوع الأمن والدولة والحفاظ على كيان الدولة، مصر تسع الجميع، وقادرة على استيعاب كافة التيارات ومختلف الرؤى، وتابع: «إن كان المصريين خايفين على بلدهم فعليهم أن يعلموا جيدا أن القوات المسلحة، لا يمكن أن تكون عدوا للشعب أو تقف ضده مهما كانت الظروف».
فماذا فعلت بعد تدخلك فى الثالث من يوليو، هل ستتقدم مصر بفعلك، هل تعرفت على تكلفة البديل الذى اخترت، عد لكلامك أنت!، تعرف المشكلة وتعرف الحل لماذا استهنت كل هذا الاستهانة وقد عرفت أن الجيش ليس هو الحل وأن الحل فى صندوق الانتخاب؟!، لماذا تحدثت وفعلت كل ما يضاد ذلك، وتحدثت ومارست كل عمل يلغى كل صناديق الانتخاب فيما عدا صندوق القوة والانقلاب، عليك أن تعرف الحق والحقيقة وأن تعود إلى ما قلته آنفا عن المشكلة وعن الحل؛ «قلت إن الجيش نار يجب ألا يلعب بها أو معها أحد أو أى فصيل وقوى سياسية… وأنه نار ليس على أهله بل على عدوه ولكن نحن لسنا مستعدين لأن تتحول مصر إلى ما حدث فى الصومال والجزائر فى القرن الماضى عندما نزل الجيش إلى معترك السياسة»، لماذا تريد الآن بنزولك إلى معترك السياسة أن تجعلنا مثل الجزائر أو الصومال، ما الذى غيّر رأيك وقد يؤدى فعلك، لا قدّر الله، إلى انقسام وحرب أهلية.
كان من الممكن أن تختار عدم الخوض فى الحديث السياسى آنذاك، لكنك أردت أن تؤكد رسالة، وقلت: « الوظيفة إللى أنا فيها فى منتهى الخطورة، ولا أستطيع مقابلة الله بدم المصريين، ولازم تعرفوا أن القرار ده من أبريل 2010 وده قرار استراتيجى». أدعوك فقط أن ترجع إلى كلامك وتتأمله لعلك تراجع نفسك وتتحمل مسئوليتك وعاقبة عملك!.
فلماذا باستدعاء نزول بعض من شعبك تؤلبه على بعض شعبك؟، هل تناسيت خطورة نزول الجيش للشارع، وكيف تطالب فى حديثك للواشنطن بوست بدعوة أمريكا للتدخل فى شأن يتعلق بالجماعة الوطنية وشأنها الداخلى؟!.
تدخل الجيش بشكل واضح وصريح فى الحياة السياسية، ببيان الانقلاب فى 3 يوليو، الذى استوجب عزل د. محمد مرسى بعد بيانك فى الأول من يوليو «بيان المهلة»، لتقر فيه أن القوات المسلحة طرف رئيسى فى معادلة المستقبل ممهدا لانقلابك. وبررت انقلابك بزخرف القول تلبية نداء جماهير الشعب، التى استدعت دور الجيش الوطنى وليس السياسى، هل الدور الانقلابى هو الدور الوطنى الذى تريد، دورك الوطنى أن تبتعد عن السياسة فإنها ليست لك ولا يعد الجيش لها، دورك محدد ومحدود فى حماية أمن الوطن والوجود فى الدفاع عن الحدود، ودعوى نصرة الشعب الذى ادعاها من كل حواضر مصر ومدنها وقراها للحماية الضرورية لمطالب ثورته. أى شعب وإرادة شعبية تشير، شعبك شعب واحد لا تنظر إلى فئة منه دون فئة، وأى ثورة تريد ثورة من الثورة أم ثورة عليها.