عبد الوهاب المسيري

قليل ما هم، من يحملون في عقولهم وأفكارهم وبحوثهم مشروعات فكرية كبرى، يعود ذلك إلى أكثر من سبب؛ أهمها على الإطلاق التحيزات الكامنة والظاهرة التي تحيط بمثل هذه المشروعات الفكرية الكبرى، وكذلك وطأة الأزمة الفكرية في عالمنا العربي والإسلامي.

إضافة إلى حالة من الإحباط أورثت عدم ثقة في الوسط الفكري والثقافي، وقد يرد ذلك إلى احتياج مثل هذه المشروعات إلى وقوف مؤسسات وراءها تعضدها وتساندها، واذا كان من يحملون تلك المشاريع من مفكرين من القلة بمكان، فإننا في عالم المؤسسات التي تتبنى وتعاضد هذه المشاريع قد نتحدث عن ندرة هائلة، وقد يرجع ذلك من ناحية رابعة إلى “قانون العملة الرديئة التي تطرد الجيدة”، فغالبا ما تسيطر مشروعات “كبرى” زائفة أو متوهمة، وتقف وراءها القوى والقوة، تمكن لها من حجية فيها، أو ما تشتمل عليها من أفكار، إن هذا يمارس على المستوى الداخلي كما قد يمارس على المستوى الدولي والعالمي، وفق قواعد لعبة تكاد تتشابه، وربما تتوحد، في البوصلة والقبلة!

الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري واحد من هذه القلة، أو إن شئت الدقة: النخبة المستحقة، والصفوة الفاعلة، أراد أن ينذر قومه بكل ما يؤدي إلى استنفار همتهم الحضارية، فأطلق نفيره الحضاري بأعلى صوت، غير عابئ بقوانين “العملة الرديئة التي تطرد العملة الجيدة” واعتبر هذا القانون من جملة التحي ا زت التي تورث اليأس والقنوط، والشلل الفكري والقعود.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *