إن أصول فقه الحضارات بمثابة التأصيل للمنظور الحضاري بكل سعتو وامتداداته، بكل سياقاته وتفاعلاته.. خاصة ما يرتبط بذلك من رؤية تنهل من أصول الفطرة، والقدر الإنساني المشترك، وقواعد نظام التعايش ضمن السفينة العالمية (المعمورة) وسنن التعارف الحضاري. كما أن الفقه الحضاري يبدأ من الاستيعاب الحضاري، للقضايا والقيم والأفكار، من كل الجوانب، من حيث أصلها وملابساتها وتفرعاتها، ثم الإدراك الحضاري لمنزلة قضايا الحضارات بين المقاصد والوسائل، والعام والخاص، إلى أن يصل هذا الفقه إلى توجيه السلوك الحضاري؛ ليخرج إلى حيز الإفادة العملية فرديا وجماعيا، وممارسة في الحياة، وليصل إلى وضع المناهج الحركية الحضارية لسلوك الأمم، مواكبا الفطر النقية والرسالات الإلهية والاعتبار بالحوادث والأخبار بما يحرك عناصر الفاعلية الإنسانية والأممية حضاريا، فتحقق الأمم ذاتها وبناءها ونماءها وبقاءها، وتحقق البشرية تعارفها وتعي تدافعها، وترضى بتداول المواقع في توازن بعيدا عن كل استكبار وطغيان.

الناشر: الرابطة المحمدية للعلماء

المجلد/ العدد: ع31،30.

التاريخ: أكتوبر/2009- ذي القعدة

الصفحات: 108-126

الحقوق على المشاع

الموقع الرسمي للدكتور سيف الدين عبد الفتاح – وقف القلم